تدريس البنات في الكويت قديما
حاربت المدرسات الشعبيات "الملاّيات والمطوعات" منذ وقت طويل التقاليد والقيود الاجتماعية التي تحول بين المرأة والتعليم عبر تاريخ الكويت ، حيث لم يكن تعليم المرأة بالشيء الضروري في نظر المجتمع، بل كان شيئاً غير مستحب لدى معظم الأسر حيث أنه سبب غير مقبول لخروج الفتاة من منزلها ، فكانت أغلب الأسر تقريء فتياتها القرآن داخل المنزل على يد أحد أقاربها.
وتشير السجلات إلى وجود ما لا يقل عن 45 ملاّية ومطوعة أنتشرن في مدن وقرى الكويت ، ذلك قبل تأسيس وزارة التربية والتعليم، وقد قمن بتخريج ما لا يقل عن ألفي فتاة حافظة للقرآن.
وفي عام 1926 افتتحت الملاية "عائشة محمد شرف الإزميري" وهي تركية الأصل من أم جزائرية وزوجها المعلم "عاصم الإزميري" مدرسة حديثة لتعليم الفتيات بالإضافة إلى حفظ القرآن ومواد أخرى مثل الحساب والقراءة والإملاء والنحو والحياكة والتطريز ، وعندما قامت برحلة إلى وطنها من 1933 إلى 1935م عادت لتجد أن خريجات مدرستها بدأن العمل الدؤوب في نشر العلم بين فتيات وطنهن ، وحينها عرفت الكويت معلمات متميزات وفاضلات مثل آمنة، وسليمة الشيخ يوسف، وأسومة الشيخ نوري، وسبيكة العنجري، وبدرية بنت مطرة، وحصة عبد الواحد البناي، ومريم العسكر، وشيخة النمش، ولطيفة العمر، مكية، حليمة، فاطمة المسباح، ومريم البيران، وصالحة ولطيفة الشمالي، وسليمة الشيخ يوسف، واسومة الشيخ فوزي، وافية السيد عمر، وسبيكة العنجري، وحصة عبد الرحمن الحنيف.
و استمرت مدارس البنات الأهلية الحديثة على أيدي الملايات والمطوعات خريجات مدرسة عائشة الإزميري حتى عام 1950، لم تتأثر تلك المدارس بتأسيس مجلس المعارف لأول مدرسة بنات في تأريخ الكويت عام 1937. حيث استشعر أعضاؤه ضرورة تعليم البنات وكان على رأس المجلس آنذاك الشيخ عبد الله الجابر والشيخ يوسف القناعي والسيد مساعد بن السيد عبد الله الرفاعي والشيخ عبد العزيز الرشيد.
وتعاقد مجلس المعارف فورا مع ثلاث معلمات هن وصيفة ورفقة عودة (فلسطين)، ومريم عبد الملك الصالح من الكويت والتي كانت ما تزال في العاشرة أو الحادية عشرة من عمرها الشيء الذي لم يقلل من كفاءتها لتقلد هذا المنصب. ولم تكن الأستاذة مريم عبد الملك الصالح أول معلمة نظامية فقط. بل كانت تجمع بين عدة وظائف فكانت السكرتيرة ووكيلة المدرسة وأمينة المخزن. وظلت عشرة سنوات في التعليم قبل أن يتم اختيارها ناظرة لمدرسة الزهراء كأول ناظرة مدرسة كويتية. وكانت أيضاً باحثة ومؤرخة فقد وضعت سفراً نادراً بتأليفها " صفحات من التطور التأريخي لتعليم الفتاة في الكويت". فيا لفخر مطوعتها السيدة نورة اليحي بتلميذتها النجيبة التي وبالمعنى الحرفي "كتبت" تأريخ تعليم فتاة الكويت ويكفي أنها الملهمة لكتابة هذا المقال.
كانت الهدية اللطيفة والمفاجأة السارة لأعضاء مجلس المعارف ، والإشارة الأكيدة بصحة وضرورية قرارهم التاريخي بضم البنات إلى مظلة التعليم النظامي هي عدد الطالبات المسجلات بنهاية أول عام دراسي وقد بلغ 140 فتاة.
بلا شك يعود هذا النجاح لتفاني رائدات التعليمفي الكويت في أداء دورهن ورسالتهن ليس فقط في تعليم الفتيات بل في "تطويع" المجتمع الكويتي لتقبل تعليم المرأة وتلمس فوائده على المدى الطويل والقصير. ليس هذا فقط بل في مهرجان من الشغف والتوق إلى العلم ازدانت الكويت وكأنها كانت في انتظار هذا القرار بخمس مدارس للبنات إحداهن خاصة قامت بتأسيسها المطوعة بدرية بنت مطرة على غرار المدرسة النظامية ونقلت إليها تلميذاتها في مدرستها السابقة بنظام الملاية عائشة، وكان كل هذا في غضون عام واحد من قرار إنشاء أول مدرسة نظامية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق